‏إظهار الرسائل ذات التسميات بستان الأدب. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات بستان الأدب. إظهار كافة الرسائل
الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

حوار مع القلم -- بقلم حميد الزهري





حَملْتُ قَلَمِي وأوْرَاقِي.. وعَزَمْتُ إخْرَاجَ مكْنُون فُؤادِي.. علّ ذلِكَ يشْفِي آلامِي..
       نسجْتُ حُرُوفي ونسَّقْتُها وشرَعْتُ أسجّلُ كلمَاتِي..
انتَفَض قلمِي قائِلا: "أَيْ رايَة.. حسْبُكِ.. ما عَادَ بي طاقةٌ تنقلُ بوْحَ جنانكِ... رفْقًا بي فما عُدتُ أقوَى على وصْف حالِ أمّتِنا المكْلومَة.. كتَبتُ عن فلسطِينَ فتلتْها العِراق.. واسْتنصرْتُ لليمن فتلَتْه مصرُ والشّام و...."
قاطعته: "ومَنْ لأمّتِي -بعدَ الله- إن خرِسْتَ وتقهْقرْت؟ ألمْ تكُن يوِما شوْكة تقضُّ مضَاجِع الظّالمين؟ ألمْ تكُن يوْما نبْراسًا اهْتدَى بنُورِه الحَائرُون؟ أفنقْعُد نبْكِي مَجْدًا مضَى دُون أن نسْعى لاسْترْجاعه؟ عَهْدي بكَ شُجاعًا لا تخْشَى ملامَ اللائمِين!"
أجَابنِي: " عُذرًا رايَة الإسْلام.. أمَّتكُم ماتت.. ومن مَات لا يَحْيَى إلّا يَوْمَ الدّين... أمَّتُكُم لم تعُد تعِي من الإسْلامِ سوَى اسمِه.. خبَا نُور العَقيدَة فِيهَا فأضْحَتْ كالأنْعَامِ لا تبْغِي سِوى إرْضَاءِ نزَواتِها.. فكيْف تأملِين أن يُبعثَ النّصْرُ من رحِم هذِه الأمّة؟؟!"
خَفَضْتُ طرْفي وغمْغَمتُ: "ربّمَا نعَم خَبَا نُور العقِيدة فينَا.. لكنّه لم ينْطفِئ.. كَذاكَ أمّتِي لمْ تَمُتْ... أُمّتِي تنْتظِرُ فقطْ من يوقِظُهَا من سُباتِها فتُحيِي عِزًّا زَالَ واندَثَر... أمّتِي خيْرُ أمّة أُخرجَتْ للنّاس سينصُرُها ربُّ العزّة ولوْ بعْدَ حِين...
هَذا وعْدُ ربّي.. ولا يُخْلِفُ اللهُ المِيعَاد.."
السبت، 5 أغسطس 2017

..إلى أمي

أنا الآن سجين نفسي. روحي تكبّلها القيود وجسدي يُلِمُّ به وهن حارق لا يُبقي ولا يَذَر.. يُراودُني سؤال مقتضاه: لماذا أنا أنا، ولماذا أنا هنا!؟ وفيم ذلك ال "هُمْ" الذي يؤرّقني تعلّقي به، يأبى إلاّ الخروج من ذاته وكُنهه، بحثا عمّا لا يظهر لي إلاّ رأي العين...!؟ بحثا عن أزياء طال بها العهد وتعاقب عليها المريدون، فصارت كالخِرَق الباليهْ. ماذا دهاك يا أنا!!؟
لا الرّكح لي ولا أنا له، أنا رجل الظلّ والظلّ شمسي وبدري وجنّتي.. أقول كلمتي وأمضي إلى غير عودة.. إلى غياب موشك يكاد يحملني إلى نهاية النهايات، خارج المكان والزمان وخارج كلّ المقاييس التي أنتم تعارفتُم عليها وصيّرتمونا لها عاكفين..
يغزوني الآن جيش من أمواج متلاطمة، أشمّ فيها عبق أناي التي كانت وما تزال، عصية عن فهم ما مرّ وما هو آت... يكاد الطفل الذي يسكنني يخرج من سباته العميق، ليكشف عن زيف براءة كانت صنيع اليد التي لا تصفّق... ويكاد الرجل النّاشئ بين ظهرانيّ يطلق العنان لصوته ليصرخ، ويصرخ.. ويصفع ويعنّف ويشتم الطفل الذي كانه قبل برههْ، ويهشّم حجاب الصمت المخيّم على العناصر، ليبدأ الحفل البهيج على أنغام رقص وأهازيج..
سنوقد النّار يا أمّي ونرقص
سيعلم الجمْعُ أنّا هاهنا قاعدون
ولو على الجمر
فلا تملئي الأقدار بالماء البارد
لأنّ ظمأنا مُزْمِنْ
و"بابا عاشور"
على الهدايا، صار مُدْمِنْ
وأنا ما أزال أنا، وإنْ بدوتُ كالشّاردْ
فلا تملئي الأقدار بالماء البارِدْ..

وهُبّي فإنّ الثلج قد يصير نارا.
بقلم: عادل بوحوت 

كينونة

§       كينُونهْ...!!؟ (تأمّلات)
-   بقلم: عادل بوحوت -

"ليست الآلهة سوى أبطال وطنيين ألهمهم مواطنوهم" أويهيمروس



§ كيف لي أن أكون، في كون صنع كينونته من بالونات تشتهي مداعبة المسامير...!!؟
***
§الحقّ في الكينونة مضمون لكلّ دابّة.. لكنّ الكينونة لا يحقّ لها أن تدّعي حقيقة الوجود... !!!
***
§لا كينونة بالغرائز، بل بزرع الروح فيما سلبت منه الطبيعةُ الرّوحَ، وسخّرته لخدمة الكائن (الأكرم) بالغريزة.
***
§إنسانية الإنسان لا تكون إلاّ فيما وراء الفردية والأنانية...
***
§كلّ المثل هي أناس ارتقت إلى درَجٍ أسمى، بعدما أثبتت قدرتها على استنطاق ما لا ينطق، ونفخ الرّوح فيما حُكم عليه بالجمادية.
***
§كُن.. أنت خالق كونك بنفسك، أنت لم تُخلق إلاّ لتَخلُق... فيكون.
***
§بيني وبين نفسي سنوات ضوئية.. أكاد أفقِدُها في سوق المعلّبات النّاطقة.
***
§الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يكذب.. على نفسه.

طاسين التعرّف

..نفسي أجهل من نفوسكم أنتُم أعرف مكانا..
ما أكثر ما أخطئُ وأتقوَّلُ على النّاس أشياء ليست منهم في شيء.. لا بُدّ أنّها لحظات انفعال أدخلتني في دائرة الشكّ المُوجِب للتعرّف، والمعرفة، والعرفان.. للكشف عن السرّ المودع في مكنونات الأنام، والعلل في تعلُّق بعضهم بالأعراض، وتسلّل البقية إلى الجواهر سعيا إلى الكمال والتكمُّل والامتزاج بالروح العُليا التي لا تعرف الفناء..
التعرُّف سبيلي إلى المعرفة، والمعرفة سلم الارتقاء إلى العرفان... قال: من لا يشكر الناس لا يشكر الله. قلت: من لم يعرف الخلق لم يعرف الخالق. والخلق من الخالق.. قال: نفخت فيك من روحي. قلت: أنا روحك، فأبِحْ لي شقّ أرواحهم. فإنّي من خطوطها، ورموزها، ورسومها أبتغي وضع ناموس الكمال والتكمّل، سعيا إليك... فكلّها تحوي نورانيات من قديم نفخك، طال عليها الأمد وليس من ناهل صفاءها إلاّ من رحمت.. رُحماك يا ذا الذي كما أنت في السرمديّة والبقاء، ما بقي منّي غير نزر من أنت فأحيني بـ "أنت" وأمِتْنِي بـ "هُم".. فما "هم" إلاّ أَنَا، وهُوَ، وهِيَ، وهُمَا، وهُمْ، وهُنَّ.. تجلّت في مهبط خلقك بعد الغواية والشجرة الأولى. كُلّها ضمائر و"أنا" المُضْمَرُ في "أنت" خَلِّ بيني وبين كلّ الغيوم.
بَـيْـنِـي وبَيْـنَـكَ إِنِّــيٌّ يُنَــازِعُـنِــي       فــــارْفَعْ، بلُـطفِــكَ، إنِّــيّ مـنَ البيْـــنِ


بقلم: عادل بوحوت

رسائل حب عبر الهاتف

þ    لماذا يختفي الحمام ساعة المطر؟ سؤال طرحته وأنا طفل صغير، وها أنذا أطرحه وأنا طفل طفل كبير غابت عنه حمامته، في زمن لم يعد فيه للصيد موسم محدّد.. تصبحين على حبّ.
......................................................................................................
þ    حين يُلقى بالحبّ في غياهب الإخفاء، تطلّ الصداقة من خدرها مؤذنة بعودة زمن أصنام الحلوى وانتهاء زمن العري الروحي...
......................................................................................................
þ    صمتك.. سيدتي.. يقتل الكلمات في معجمي العاطفي، فأسارع بإنقاذ بعضها، لذا قد تجدين بعض اللبس في استيعابها..
......................................................................................................
þ    أوتارك غير مروّدة وألحاني كلاسيكية مطوّلة.. أرجو أن تسعفك في ملازمتي إلى أن ينتهي العزف.. لا أكترث للجمهور، تُهِمُّني فقط جودة العزف.
......................................................................................................

þ    بين مدّ الحضور وجزر الغياب.. أغادر نفسي التي اختنقت بحثا عن هواء جديد.. أردّد فيه اسمَكِ ودعوات من تراث الأجداد.. أدعو لك وأدعو سبع مرّات وسبعين وسبعمائة... أعلن عن طفولتي أمام رُشدك سيّدتي. فسامحيني.  

استجداء الفن.. أو الجري وراء المطلق


«لم أكن أعرف القراءة بعد ولكنّي كنت محبا للظهور إلى الحدّ الذي جعلني أُطالب بكتبٍ لي. وذهب جدّي إلى ناشره الوغد، وأخذ منه قصص الشاعر موريس بوشور (...) وأردت أن أبدأ في الحال احتفالات التملّك. وأخذت المجلّدين الصغيرين، وشممتهما، وجسستهما، وفتحتهما بلا اكتراث في الصفحة المطلوبة وجعلتهما يقرقعان. ولكن عبثا، فلم أكن أشعر بأنّي أملكهما... » سارتر- الكلمات

بعدما قرأ عن حُبّ الشُّعراء والرسّامين والمغنّين للأميرات الجميلات المُتنعِّمات بظلال أشجار الياسمين في بساتين القصور الفاخرة، وتعلّقهم بآيات الحُبِّ والجمال والحقِّ الكامنة في الطّبيعة والنّاس، وهوسهم بارتياد الماوراء ونُشدان النهايات...
قرأ كلّ ذلك وغيره الشّيء الكثير، ودغدغه أمل كبير في أن يصير مِثلهم، فقُام مدفوعا بأمله مدعوما بطموح لا يعرف الحدود، وأخذ لوحا كان من إرث جدّه الذي قيل إنّه كان يخُطُّ عليه آي القرآن حتّى تعلق بحبال الذّاكرة، وتكون معهُ يوم البعث شفيعا من نار جهنم. بيد أنّ سِنِيَّ الجدّ تمّت قبل أن يُتمّ حفظ الستين حزبا، وقد بُلِّغ الثّمانين ونيفا...
اقتنى قماشا أبيض أشبه ما يكُون بالكفن، لكن لا ليضَعَهُ على رأسه، كما كان يفعلُ النّاس عندهم – في المغرب الأقصى- احتفاءً بالموت، حسبما تقول الحكايات فكّر، وقُال لنفسه: –قبل أن يفتح القُماش- "لا غرو فأنا من أمة يَنشُدُ أبناؤها المُطلق في الموت، فيما أدركت أمم غيرنا أنّ المُطلق يقبعُ مُنذ البدء في قمقم هذا الذي يُسمُّونهُ فنّاً.. فأنا إذن أنشُد المُطلق على نحو ما فعل آبائي الأوّلون، لكن على غيرِ هديِهِم.."
أعاره رسّامُ سوق نهاية الأسبوع – الذي كان من معارفهم- بعد لأيٍ وطول إلحاح، بضع قارورات من صباغة زيتية، وحُزمةَ أوراق عليها منمنماتٌ، يبدو أنّها بُتِرَتْ بترا من مخطوطات عربية قديمة.. قال له الرّجل بهمس: (لقد أفتى الفُقهاء بحِرمتها فاشتراها جدّي من السّوق السّوداء، وإليها يرجع الفضل في لُقمة العيش التي تراها الآن..)
بعدما عاد إلى البيت - ممتطيا صهوة أمله- اختلطت عليه الألوان والصّور، ولاحت لذاكرتك المُتعبة فتوى التحريم، ولعنةُ الأجداد... فلم يجد أمامه من مخرج غير البحث عن "الموناليزا"، الأشهر بين اللّوحات التي خلّدتها ذاكرة الفنّ.. فكّر في مُتحف اللُّوفر.. فانقطع للتّوّ حبل تفكيره، بانقطاع السُّبُل إلى تحصيل هذه اللّوحة التي لا شَكَّ في أنّها تحمل في ذاكرتها تاريخ حضارة بكاملها... أراد محاكاة الموناليزا المصوّرة في إحدى المجلاّت.. "أن تُقلّد التّقليد، فهذه حتما بداية غير موفّقة..."(قال لنفسه)
حين أتى إلى نهاية عمله، خرجت سيّدة الجيوكاندا تواسيه وتدعوه إلى تكرار المُحاولة.. قالت له: إنّ ليوناردو ظلّ يُراودُني عن نفسي أزيد من أربع سنوات، فلا تيأس.. قال: "معاذَ اللهِ..." هَمَّ بالمُعاودة تلو المُعاودة، ففشل. وقرّر بعد حين أن يُلمْلِمَ فشله بتغيير الوِجهة هذه المرّة، لكن داخل دائرة الحُلُم بمُعانقة المُطلق..
قرّر إذن أن يصير شاعرا.. فلقد سمعَهُم يقولون: « من لم يكُن له محفوظ غزير من أشعار السّابقين، فاجتناب الشعر أولى به..» أو هكذا قالوا. عزمَ على حفظ ألف بيت مستعينا بلوح جدّه عسى أن يأخُذ بيده لأن يصير شاعرا، ولم يكد يكملُ الألف حتّى أصابه اليأس والضجر.. فَهِمَ أنّهم بهذه الوصايا يضعون بينه وبين قلعتهم المُحصّنة سدّا منيعا.. يجعلون دونه والخوضَ في فنّهم خرط القتاد كما يقول المثل، بل ربّما فهمَ –فيما بعد- أنّ الشعر قرينُ اليأس من العالم والناس.. فبعد العجز عن إتمام الألف سئمَ من القول والقائل، وأخذ يصنعُ من اللاّشيء أشياء ومن الكلمات جملا... "ها قد شيّدتُ خمسة أبيات وقصُرت بي آلتي عن السادس.." أخذت الأبياتُ الخمسة تتردّد على شفتيه دون أن يأذن لها. يعلَمُ أنّهُ لم ينبس ببنت شفة، كَانَ مُسخّرا من لدُنِ القدماء، استعاروا لسانهُ وشفتَيه وذاكرته لينبعثوا من أجداثهم ويُطلقوا صرختهم في الرّاهن، لم يكُن هو المتكلِّم كانوا هُمْ...
ومهما يكُن فقد طرِبَ للصّوت المتردّد على لسانه بالأبيات الخمسة التي كانت لغيره، فداهمَهُ خاطر يقول: أنت لن تكون إلاّ مُغنّيا ناجحا... وكانت رحلته مع الغناء كرحلته مع قرينيه، فعاد إلى مبدإ أمره يُشارك الفنّانين – بتحفّظ كبير- مشاعرهم ويَطْرَبُ لما يصنعون ويُبدعون... فلا الفنّ انصاع له ولا المطلق أبدى له بعضا من سوءاته، كي يدخُله من باب آخر.
  

                           بقلم: عادل بوحوت 

في هذه المدينة

في هذه المدينة
الكلّ مثلي
لا يفتح زجاج النافذة
كي لا يسمع نداء بائع السمك
وهو يصدح كلّ صباح
كأنّما يسبّ الدهر
على حظّه السيء
يخشى أن تشرق الشّمس..!؟
ويُحصي قطرات الثلج الذائب
من أسفل الصُّندوق الخشبي
***   ***   ***
في هذه المدينة
الكلّ مثلي
يبحث عن سماء مُلبّدة
يخبّئ خلف ستائرها جُرحه
المتعفّن
يبوح لها بسرّه
ويرجو الله أن يسقط المطر
على عجل
(...)
يسأل عن أمسية عذراء
تمحو درن الأمسيات العاهرة التي
تسكُنها الشياطين
ويخنقها السُّكارى
بعبثهم الطفولي، وصراخهم المزعج
(...)
في هذه المدينة
التي تلفظ أنفاسها
عند ابنعاث الفجر
وتأكل من جسدها
كلّما نما اللحم، ولا شحم
يحيا الكلّ- مثلي
ويعتاد
على أشلاء من ماض
زنخٍ
يحرسُه الأولياء
والكتب الصفراء التي
لا يُعرَفُ كاتبوها.


                                     سطات - صباح الخميس 12 يونيو 2014

هواجس أحلام الصباح

في سرير أحلامي الصباحية
تنام، تحت الوسادة، وسوسات عزازيل اللعين
يراودني .. يسليني ...
يزعم لي زعما
أنني في يقظة من أمري ..
يحلف لي بعصيانه، وتأبيه عن السجود
أسجد له مصدقا
طامعا في المزيد.
***
تمر بي أمي
وقد عزمت على الرحيل
و قلبها متوجس
من زوجة الإبن الآتية ، التي ستجد البيت صفرا من أهله
ربما احتاجت إلى منديل
تجفف به دمعا
أو إلى صمت ، ترهف خلاله سمعا إلى حديث الحيطان الآيلة التي
فقدت متكأها ، بعدما همت أمي بالرحيل .
***
لكم تساءلت ، في غمرة التثاؤب : ترى
متى أمي تقلعين عن ...
هذه الفكر المعتمة المضجره
أشعر بالقنوط .. بالهم .. باليأس مني ، من قدرتي على المواصله
يخرج يأسي من قمقمه القديم ، ينصح لي ،
و يذوب في زحمة كتبي ، التي افترشت بطن الحصير ...
أحمل هاتفي ، الذي
حطمته قبل أن أنام ، كيلا يزعجني منبهه الفضولي ...
أركب رقم عزازيل اللعين
رقمه لا يعرفه ، إلا حواريوه.. المؤمنون به
يبدو أنه خارج التغطيه ..
لا.. بل تبرأ مني ...
من تصديقي ، و تبجيلي له
سخر من سذاجتي .. أسمعني –عبر العلبة الصوتية...
شطرا من خطبته اليتيمه..
صرخت بصوت مدو : من ذا يخرجني من جحري هذا
من ذا يوقظني  ؟ يفتح لي عينا
و أستعين بأشلاء هاتفي المحطم على فتح العين الأخرى...
***
تتوالى علي الصور من كل حدب
أجن ، و أجن ، و أجن..
و يبدو لي ، في بذلته الفرنسية المزركشة
"فوكو" حاملا ، بكلتا يديه ، كتابه عن تاريخ الجنون
يتقدم نحوي .. و يتقدم .. ثم يغيب...
أرى نفسي في غرفتي المطلة على البحر الميت
أبلط سقفها..
أنثر الزبل في أركانها ،
و أنعم بالرائحة ما تزال على طراوتها...
أشم رائحة العطر ، الذي أهدته إلي صديقتي في العام الماضي
أجده أنتن من الزبل
و فجأة .. يرن هاتفي
 الأزرق لأكتب بالأسود : BICآخذ قلم 
صدق القول في هذا الذي يسمونه منبها :"... و يأتيك بالأخبار ما لم تزودي"
يغيب عني القائل و محتوى القول .. أرغب في الاسترسال،
يحاصرني قساوسة الشعر و سدنته،
أجدني غارقا في لغتي  
بقلم تصدق عليه كل التهم،
لكنه لحكمة حلمية يبقى خارج الزنزانة.




أكتوبر – نونبر 2009
عادل بوحوت
 
                 








لقاء أول مع البحر

أُهديك يا بحرُ
باقة ورد..
على شرف المدينهْ...
أَحكيك يا بحرُ
طُرفةَ أزهارٍ.. حملَتْها
ذاكرة قومٍ وأرض ورمادْ
                 .. سقَتْهـــا
في غور المزهرية صروف أيّامي النّائيهْ
                        ... وزفراتي الليليّـــهْ
فنما الغرس وأزهر
بين أحضان الخريف... وأنا!!؟
()
أنا لا أعرف من الفصول إلاّ أيّامها الأخيره.
* * * * *
أنت علّمتني.. في لحظات شوقي إليك
أنَّ الحَبَّ الممتلئ.. لا تذروه الرياح
وأنّي..
وأنّي..
وأنّي..
عن أيّ رياحٍ تُحدّثني؟
وكيف لي أن أتّبِعَكَ.. يا مزاجي الطبع!؟
يا مُضيف الأطياف.. ويا مقبرة الأصداف.
* * * * *
ليت لي إبرة.. أخيطُ بها
جراح أسمالي المفقودة
فلقد قلت لرفاقي
- يوما-
إنّ المرء بأصغريه (قلبه ولسانه)
قالوا: مات "ضمرة" وبقيت أنت
تجرّ أذيال الحكمة
في زمن نضب ماؤه.. وهربت عنه سماؤه.
* * * * *
إنّك يا بحر
لن تُصْغِيَ لحديثي.. ولن آبه لك
لأنّي عرفتك، قبل أن نلتقي
خليعٌ أنت مثلي.. تُنْشِدُ أنشودة الرحيل
سأحمل أشيائي.. كما حملت
وأرحلُ عن ديارهم
إلى حيث يكون لي
مع النوارس
موعد نضربه.

                                                                                                                                            بقلم: عادل بوحوت             
عربي باي